أرجأت حكومة إستونيا مشروعاً طموحاً لبناء أطول نفق سكة حديد تحت البحر في العالم بين هلسنكي وتالين، لكن يجب إفساح الطريق أمام المشروع الذي سيغير الحياة، وأعلن مطور المشروع أنه وفر التمويل للنفق الذي يمتد 103 كيلومترات من خلال «تاتشستون كاببتال بارتنرز» وهي شركة مالية تستثمر في موارد مشروعات صينية مملوكة للدولة، ليصل حجم التمويل إلى 17 مليار دولار، والمال سيذهب إلى ثلاث شركات صينية وافقت على تصميم وبناء النفق كجزء من مبادرة «الحزام والطريق».
وأكبر مشروع حالي في «مبادرة الحزام الطريق» في أوروبا هو طريق سكة حديد سريعة بين بودابست وبلجراد، وراقب الاتحاد الأوروبي المشروع بغيرة، وأدى تحقيق للتكتل بشأن إذا ما كانت المجر قد اتبعت قوانينه المتعلقة بالمنافسة في إبرام تعاقدات تحديث السكة الحديد أدت إلى تأجيل البناء.
هذا المشروع لن يعود إلا بالخير على الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه، قد يؤدي الاعتماد على مشاركة الاتحاد الأوروبي في المشروع- كما أشارت دراسة جدوى لعام 2018- إلى تأخير بلا نهاية، ومن غير المؤكد إلى أبعد حد أن تستطيع إستونيا وفنلندا توفير تمويل كاف للمشروع الذي خضع للمناقشة على مدار عقدين.
وهناك مشروع مشابه لبناء نفق تحت البحر يمتد 18 كيلومتراً بين جزيرة «لولاند» الدانمركية وجزيرة فهمارن الألمانية عام 2010 لم ينطلق بعد، ووصف المشروع باعتباره من أولويات الاتحاد الأوروبي، وتلقى دعماً من التكتل بواقع 16% من الكلفة الإجمالية، وحصل في النهاية على موافقة الحكومة الألمانية والبرلمان الدانمركي هذا العام، لكن عملية الإنشاء لم تنطلق بعد بسبب شكوى ناجحة من شركة «سكاندلاينز» التي يحتمل أن يضر النفق بنشاط عباراتها البحرية، وفي وقت متأخر العام الماضي، قضت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي بأن مساعدات دولة الدانمارك للمشروع غير قانونية، وفي يونيو الماضي، تابعت المفوضية الأوروبية الحكم، ودشنت تحقيقاً في تمويل المشروع، ولهذا ولأسباب أخرى من شبه المؤكد أنه لن ينتهي العمل فيه بحلول الموعد النهائي المعلن وهو 2028.
ولذا ليس من الصعب أن نفهم سبب أن عدم رغبة المطورين لنفق تالين-هلسنكي في التعامل مع الدعم من الحكومتين الفنلندية والإستونية أو طلب دعم من الاتحاد الأوروبي، وقد يكون من الأسهل التوصل إلى توفيق بين الترتيبيات الصينية والجهات المنظمة، رغم أن جماعة الضغط المتمثلة في شركات العبّارات البحرية ستعترض مرة أخرى لأن طريق (هلسنكي-تالين) مربح إلى حد كبير، والعام الماضي، قطع الطرق 8.8 مليون شخص، وأسرع العبّارات تستغرق ساعتين، بينما النفق سيقطع المسافة في 30 دقيقة، وعملية عبور الحدود يومياً من أجل العمل ستصبح مجدية، والواقع أنه من المستحيل تقريباً أن نقدر الزيادة المحتملة في حركة الركاب، لكن النفق سيوفر طريق نقل سريعة بين غرب أوروبا وشمالها، ويدعم اقتصاد جيران إستونيا بمنطقة البلطيق وبولندا.
وهذا ليس مهماً للاتحاد الأوروبي اقتصادياً فحسب بل جيوسياسياً أيضاً، فالبلطيق مجموعة منعزلة نسبياً من دول الاتحاد الأوروبي ومعرضة للخطر بسبب قربها من روسيا، ونفق (تالين-هلسنكي) لن يسعد الكرملين الذي يحاول الضغط على دول البلطيق، عن طريق تقليص صادراته ووارداته عبر موانيه، ويجب على الاتحاد الأوروبي الاهتمام بإقامة النفق في أقرب وقت ممكن، وتريد الصين بالطبع تمويل المشروع، لكن بالنسبة لدول البلطيق فإقامة النفق، بتمويل من بكين، سيمثل درجة جديدة من الحرية، وبالنسبة لإستونيا ولاتفيا وليتوانيا التي تريد التخلص من ماضيها السوفييتي لتصبح جزءاً من شمال أوروبا، سيمثل النفق خطوة أساسية نحو تغيير مكانتها في العالم، حتى إذا لم يستطيعوا الابتعاد عن روسيا على الخريطة، وبعدما وصلت مبادرة «الحزام والطريق» إلى أوروبا، فإن ضخ الشركات الصينية مبالغ هائلة من المال في نفق (تالين- هلسنكي) يمثل حظاً سعيداً للوحدة الأوروبية، ويزيل نهائياً الخط الافتراضي بين شرق وغرب الاتحاد الأوروبي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»بلومبيرج
وأكبر مشروع حالي في «مبادرة الحزام الطريق» في أوروبا هو طريق سكة حديد سريعة بين بودابست وبلجراد، وراقب الاتحاد الأوروبي المشروع بغيرة، وأدى تحقيق للتكتل بشأن إذا ما كانت المجر قد اتبعت قوانينه المتعلقة بالمنافسة في إبرام تعاقدات تحديث السكة الحديد أدت إلى تأجيل البناء.
هذا المشروع لن يعود إلا بالخير على الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه، قد يؤدي الاعتماد على مشاركة الاتحاد الأوروبي في المشروع- كما أشارت دراسة جدوى لعام 2018- إلى تأخير بلا نهاية، ومن غير المؤكد إلى أبعد حد أن تستطيع إستونيا وفنلندا توفير تمويل كاف للمشروع الذي خضع للمناقشة على مدار عقدين.
وهناك مشروع مشابه لبناء نفق تحت البحر يمتد 18 كيلومتراً بين جزيرة «لولاند» الدانمركية وجزيرة فهمارن الألمانية عام 2010 لم ينطلق بعد، ووصف المشروع باعتباره من أولويات الاتحاد الأوروبي، وتلقى دعماً من التكتل بواقع 16% من الكلفة الإجمالية، وحصل في النهاية على موافقة الحكومة الألمانية والبرلمان الدانمركي هذا العام، لكن عملية الإنشاء لم تنطلق بعد بسبب شكوى ناجحة من شركة «سكاندلاينز» التي يحتمل أن يضر النفق بنشاط عباراتها البحرية، وفي وقت متأخر العام الماضي، قضت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي بأن مساعدات دولة الدانمارك للمشروع غير قانونية، وفي يونيو الماضي، تابعت المفوضية الأوروبية الحكم، ودشنت تحقيقاً في تمويل المشروع، ولهذا ولأسباب أخرى من شبه المؤكد أنه لن ينتهي العمل فيه بحلول الموعد النهائي المعلن وهو 2028.
ولذا ليس من الصعب أن نفهم سبب أن عدم رغبة المطورين لنفق تالين-هلسنكي في التعامل مع الدعم من الحكومتين الفنلندية والإستونية أو طلب دعم من الاتحاد الأوروبي، وقد يكون من الأسهل التوصل إلى توفيق بين الترتيبيات الصينية والجهات المنظمة، رغم أن جماعة الضغط المتمثلة في شركات العبّارات البحرية ستعترض مرة أخرى لأن طريق (هلسنكي-تالين) مربح إلى حد كبير، والعام الماضي، قطع الطرق 8.8 مليون شخص، وأسرع العبّارات تستغرق ساعتين، بينما النفق سيقطع المسافة في 30 دقيقة، وعملية عبور الحدود يومياً من أجل العمل ستصبح مجدية، والواقع أنه من المستحيل تقريباً أن نقدر الزيادة المحتملة في حركة الركاب، لكن النفق سيوفر طريق نقل سريعة بين غرب أوروبا وشمالها، ويدعم اقتصاد جيران إستونيا بمنطقة البلطيق وبولندا.
وهذا ليس مهماً للاتحاد الأوروبي اقتصادياً فحسب بل جيوسياسياً أيضاً، فالبلطيق مجموعة منعزلة نسبياً من دول الاتحاد الأوروبي ومعرضة للخطر بسبب قربها من روسيا، ونفق (تالين-هلسنكي) لن يسعد الكرملين الذي يحاول الضغط على دول البلطيق، عن طريق تقليص صادراته ووارداته عبر موانيه، ويجب على الاتحاد الأوروبي الاهتمام بإقامة النفق في أقرب وقت ممكن، وتريد الصين بالطبع تمويل المشروع، لكن بالنسبة لدول البلطيق فإقامة النفق، بتمويل من بكين، سيمثل درجة جديدة من الحرية، وبالنسبة لإستونيا ولاتفيا وليتوانيا التي تريد التخلص من ماضيها السوفييتي لتصبح جزءاً من شمال أوروبا، سيمثل النفق خطوة أساسية نحو تغيير مكانتها في العالم، حتى إذا لم يستطيعوا الابتعاد عن روسيا على الخريطة، وبعدما وصلت مبادرة «الحزام والطريق» إلى أوروبا، فإن ضخ الشركات الصينية مبالغ هائلة من المال في نفق (تالين- هلسنكي) يمثل حظاً سعيداً للوحدة الأوروبية، ويزيل نهائياً الخط الافتراضي بين شرق وغرب الاتحاد الأوروبي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»بلومبيرج